الأحد، 20 يونيو 2010

سيد الاحلام - الفصل الاول

الفصل الأول

ذكريات الماضى البعيد

بدون أى مقدمات وجدتنى وسط ظلام دامس أتلمس طريقى بصعوبة شديدة اجرى وصدرى يوشك ان يتمزق انفاسى تتلاحق فى عنف والدموع تتساقط من عيناى لتزيد الامر سوءا , غير قادرة على الابصار أتعثر فى خطواتى والخوف يملؤنى كل ما اتمناه فى هذه اللحظة ان يكون كل ذلك حلما .

صوت الرعد من حولى يزلزلنى والسماء تومض بين لحظة واخرى بوميض البرق والامطار من حولى تغرقنى احسها فى كل جسدى ولكن لا اراها , وكلما اضاءت السماء ببريق الرعد كلما وجدت الرعب متجسدا امامى فى اقسى صوره .

انه الخوف ... الخوف ... الخوف , لا شئ سوى الخوف يسيطر على كل كيانى اكاد اسمع زئير الاسود وهسهسه الثعابين وعواء الذئاب , احاول ان ارجع بذاكرتى لأتذكر كيف بدأ الامر ؟

عاجزة وسط الظلام الذى لا يرحم , عاجزة وسط المجهول , عاجزة حتى ان اميز هل هذا كله حلم رهيب ام انه واقع مرير , اتوقف عن الجرى لبرهة محاولة ان استجمع شتاتى اضع يدى على صدرى والالم يعتصر قلبى اعتصاراً .

دقات قلبى فى سباق لا ينتهى الفزع الى ما لا نهاية واسمع ذلك الصوت العميق يردد " اقترب الامر ولا مفر ستأتين قريبا قريبا " اشعر وكأننى اسقط الى الهاوية واسقط واسقط

و

ترن ترن ترن

افتح عينى لأجد العرق يغمر كل جسدى أطفئ المنبه واحاول ان اوقظ نفسى من ذلك الحلم المخيف قلبى مازال متسارع الدقات وكأننى لازلت فى ذلك الحلم .

ببطء ابدأ فى النهوض من السرير اتجه بخطى ثابتة معتادة نحو الحمام لأغتسل قبل ذهابى الى العمل مازال الحلم فى ذاكرتى والصوت العميق يتردد لا استطيع ان اوقفه .

خرجت من الحمام وارتديت ثيابى انها الثامنة تقريبا لقد اخذنى الحلم وها انا قد تأخرت عن العمل لا مجال كالعادة للافطار ولا لأى شئ ارتدى حذائى وانا افتح باب الشقة استقل اول تاكسى يقابلنى انفاسى تتلاحق بعنف انظر من نافذة السيارة وأرى الزحام المعتاد فى تلك المنطقة الحيوية من البلد يتوقف التاكسى امام العمارة التى بها الشركة التى اعمل بها .

يوم جديد من ايام العمل المعتادة تمر ببطء شديد ولكنه المتاح امامى ولا بديل اخر سوى جلسة البيت ووضع يدى على خدى منتظرة من يحدد مصيرى الساعات توشك على الانتهاء اتناول حقيبتى واستعد للذهاب الى منزلى مرة اخرى وهنا شعرت بدوار شديد واصبحت الرؤيا امامى سوداء ماذا يحدث لى ؟

اشعر وكأنى اهوى واهوى واهوى وفجأة ارى امامى ضوء ساطع فأغمض عيناى بشدة ثم ببطء ابدأ فى فتحهما من جديد ما هذا الذى اراه امامى ؟ لاشك فى انه حلم جديد اننى فى حجرتى القديمة فى منزلنا القديم قبل ان يهده الزلزال وتموت تحته امى الحبيبة .

اننى مستلقية على سريرى الصغير اتحسس رأسى اننى فى صدمة شديدة لكن ما هذا ؟ انها ضفيرتى التى تنتهى دوما بشيرطه حمراء واخرى كحلية اللون انهض فى سرعه انظر لمرآتى القديمة ارى صورتى حين كنت فى العاشرة من عمرى بفستان ذو اللونين الاحمر والابيض يا الهى ماذا يحدث لى؟

منى هيا تعالى حان موعد الغداء اباكى جاء من العمل

انه صوت امى ينتزعنى انتزاعا مما امر به ودون وعى منى فتحت باب الحجرة وهرعت الى صوت امى ماما ماما ماما وارتميت فى احضانها كم اشتاق اليك يا اغلى الناس فتضمنى لبرهة ثم تعود وتقول هيا اغسلى يديك وتعالى الى السفرة الطعام جاهز ووالدك فى انتظارنا .

اتأمل الشقة انها شقتنا القديمة بكل تفاصيلها حتى هذا الشرخ فى جدار الصالة والكرسى المكسور وسفرتنا الكبيرة التى تعود الى جدى رحمه الله عليه اتجه الى الحمام ذو المرآه المكسورة واغسل يدى واتجه الى حجرة الطعام لأجد ابى جالسا فى مقعده المفضل وامى الى جواره تضع له الطعام فى طبقه

اجلس فى المقعد المجاور لأمى فتضع امامى الطعام الذى لا اراه كل ما اراه امامى صورة امى كم كانت شابة رائعة ممتلئة بالحيوية رحمها الله وذهنى بدأ من جديد فى التفكير ما الذى يحدث ؟

انهض من على الكرسى ولكن امى تمسك بيدى هيا تناولى الطعام معنا لن يتبقى لكى شيئا الان اتذكر ذلك الموقف انها اخر لمسه من امى وهنا بدأ كل شئ فى الاهتزاز وبدأت الجدران تتهاوى انه الزلزال

اصيح امى امى ولكن كل شئ من حولى يذوب اشعر بجسدى يبتعد عن امى وارى جزء من السقف ينهار فوقها امى امى وبدأ كل شئ فى الاسوداد من جديد .

مرة اخرى ارى الاضاءة تسطع امامى فأغمض عيناى فى الم صامت واشعر بالدموع تنساب على وجنتى وصورة امى لا تفارقنى وحين فتحت عينى وجدت امامى مباشرة مدرسة اللغة العربية فى تلك المدرسة الاعدادية تصيح هيا منى اجيبى على السؤال التالى فأنهض منتفضة وانظر حولى فى حيرة شديدة وبدأت الهمهمات تسود الفصل بعضها بالاجابة وبعضها بالضحك على وانا صامتة غير قادرة على الكلام " هل سننتظرك كثيرا يا منى " ينقذنى صوت من خلفى هامسا بالاجابة فأرددها دون وعى منى تحملق فى المدرسة قليلا ثم تقول اجلسى يا منى ولكن ركزى جيدا فى ما اقوله , اجلس مرة اخرى وانا فى حيرة من امرى انظر لنفسى فأجدنى فى زى المدرسة الرمادى ذلك الزى الذى طالما كرهته يدق الجرس معلنا انتهاء تلك الحصة يتعالى صوت الطالبات وتنصرف المدرسة اجد من يخبطنى على كتفى ونفس الصوت الذى انقذنى بالاجابة "منى ماذا بك اليوم" التفت خلفى لأجد صديقتى نجية واردد "لا اعرف ماذا يحدث لى " ولماذا انا هنا اننى اوشك على الجنون.

نجية بصوتها الحنون "يبدوعليكى الارهاق الشديد الم تنامى جيدا هل هى مشاكل مع والدك كالعادة"

اعتدل فى جلستى لأواجهها واقول "هذا يوم الجنون ولاشك كل شئ لا يبدوا صحيحا هنا تدخل مديرة المدرسة فننتفض جميعا واقفين وتقول بصوتها الحاد الطالبة منى احمد انتفض من داخلى انى اذكر هذا الموقف الان لا لا لا ليس مرة اخرى

هناك خبر لك يا منى ولكن اتمنى ان تتماسكى جيدا وتعلمى ان الدنيا قصيرة وان الموت هو الحقيقة الوحيدة

تنساب دموعى فى صمت وتقترب منى المديرة لقد توفى ابيكى هذا الصباح يا الهى ما هذا العذاب هل مقدر لى ان احيا العذاب ذاته مرتين انه يوم وفاة والدى فى تلك الحادثة المقيتة انى اتذكر الآن اشعر بدوار شديد وتبدأ المعالم تختفى من امام عيناى من جديد انه الظلام مرة اخرة وذلك الشعور بالهاوية .

يسطع النور فى وجهى من جديد ترى ماذا سأرى هذه المرة , الرحمه يا آلهى اننى ملقاة جوار مكتبى والى جانبى صديقتى فى العمل سارة تمسك بزجاجة من العطر تقربها منى وتردد افيقى افيقى يا منى ماذا بك ؟ وصوت زميلى امجد "يجب ان نتصل بالاسعاف " ويعود صوت سارة انها بدأت تفيق هيا يا منى افيقى افتح عيناى وانا اردد اين انا ؟

انت فى العمل يجيبنى صوت سارة يبدو انك قد فقدتى وعيك قليلا وتساعدنى على النهوض من الارض وتجلسنى على احد المقاعد , امسك برأسى انه صداع فظيع لم اشعر به من قبل اننى انا من جديد ولكن ماذا حدث لى .

وبعد تجمهر الزملاء وسؤالهم عما حدث وفضيحة بالنسبة لفتاة تقول صباح الخير ويحمر وجهها خجلا فإذا هى محور احداث وقلق بسرعه شديدة لملمت اوراقى واخذت حقيبتى وسارة تصيح بى اهدأى قليلا وسوف اقوم بتوصيلك الى المنزل ولكننى لم اكن معها بأى حال من الاحوال .

انطلقت كالقذيفة تاركه كل شئ ورائى وبما تبقى فى من قوة استقليت تاكسى حتى باب المنزل وطيلة طريق عودتى وانا فى ذهنى سؤال واحد فقط ماذا يحدث لى ولماذا الآن؟

هبطت من التاكسى وصعدت درجات السلم ببطء شديد يتلائم مع حالتى التى يرثى لها , فتحت باب الشقة واغلقته جيدا ورائى القيت بنفسى على الاريكة فلم يكن بداخلى القوة لافعل اى شئ ورويدا رويدا اغمضت عينى ورحت فى سبات عميق بلا احلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق